العملات الرقمية الصادرة عن البنك المركزي والعملات المستقرة هما "أدوات منطقية" لدعم التبني الجماعي للأصول الرقمية

العملات الرقمية الصادرة عن البنك المركزي والعملات المستقرة هما "أدوات منطقية" لدعم التبني الجماعي للأصول الرقمية https://ift.tt/O4FTz2D

في يناير، صرح بنك أمريكا أن العملات الرقمية للبنك المركزي والعملات المستقرة هي التطور الطبيعي للأموال والمدفوعات.

أصبح مفهوم العملات الرقمية أكثر انتشاراً مع تقدم التكنولوجيا وتطور الأنظمة المالية، وتُعرف العملات الرقمية للبنك المركزي (CBDC) والعملات المستقرة بأنهما عملتان رقميتان ناشئتان يُعتقد أنه لديهما القدرة على إحداث ثورة في عالم المال والخدمات المصرفية.

حيث تُعتبر العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية نسخاً رقميةً من العملات الورقية المدعومة والصادرة عن البنوك المركزية، في حين أن العملات المستقرة هي عملات مشفرة مرتبطة بقيمة الأصول الأخرى، مثل العملات الورقية التقليدية أو المعادن الثمينة.

واعتباراً من فبراير 2023، بدأت 114 دولة، أي أكثر من 95٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، باستكشاف العملات الرقمية الصادرة عن البنك المركزي، وفقاً لبيانات المجلس الأطلسي، ومن بين هذه الدول، أطلقت 11 دولة بالفعل عملتها الرقمية بشكل كامل.

وقد قامت العديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وعمان والبحرين والكويت وقطر والمغرب والأردن وتونس ومصر، إما باستكشاف العملة الرقمية الخاصة بها أو تجربتها وتطويرها.

وفي الوقت نفسه، تظهر أحدث الأرقام المأخوذة من Coin Metrics أنه تم تسوية أكثر من 7 تريليونات دولار بعملات مستقرة في عام 2022، وهذه زيادة كبيرة من الرقم السابق والذي كان 6 تريليون في عام 2021 و1 تريليون في العام الذي سبقه.

هذا ويعتقد سيمون مازوكا، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Wallex المتخصصة بتطوير البنى التحتية للعملات النقدية والأصول الرقمية، أن هذا التوجه الجديد هو "التطور الطبيعي للنظام المالي المدفوع بصعود العملات المشفرة".

وأشار إلى أن هذه الأصول هي "الأداة المنطقية" التي يجب تنفيذها على نطاق واسع. وأضاف مازوكا:

"العملات المشفرة رائعة حقاً، ولكن من أجل دفع التبني الجماعي لها لتحل محل أنظمة الدفع التقليدية، من الضروري العمل مع أصل مستقر، مثل العملة المستقرة".

التأثير على نظام التمويل التقليدي

تستشهد McKinsey بأربعة توجهات من المحتمل أن تكون قد حفزت اهتمام البنوك المركزية لاستكشاف العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية: والتي هي انخفاض استخدام النقد والمنافسة مع الأصول الرقمية الصادرة عن القطاع الخاص وفقدان الدور المنشود كمبتكر للمدفوعات، إلى جانب الرقابة المحلية على المدفوعات الرقمية.

ومن ناحية أخرى، يمكن لعدة عوامل، مثل التضخم المرتفع والركود العالمي المحتمل، أن تعزز من تبني العملات المستقرة المربوطة بالدولار في الأسواق الناشئة والنامية.

أما بالنسبة لفوائد العملات المشفرة للمستهلكين والشركات، فقد قال مازوكا أن العملات الرقمية للبنوك المركزية والعملات المستقرة تزود مستخدميها بالشفافية والموثوقية في المعاملات المالية.

كما كتب مازوكا: "إن الأصول الرقمية مبنية على تقنية دفتر الأستاذ الموزع التي لا يمكن التلاعب بها، مما يقلل من مخاطر حصول عمليات الاحتيال والفساد ويعزز الثقة في الأنظمة المالية"، وأضاف: "على الرغم مما سبق، يجب أن يعزز التمويل التقليدي استخدام الأصول الرقمية من خلال توفير الخدمات الرئيسية والبنية التحتية المنسقة، بما في ذلك حلول الحفظ الآمنة، من أجل تحقيق الاستفادة الكاملة منها".

يعتقد الرئيس التنفيذي لشركة Wallex أيضاً أن مشاركة المؤسسات المالية الراسخة يمكن أن تجلب المزيد من الاستثمار المؤسسي والسيولة والاستقرار إلى السوق. ووفقاً لما قال، فإن هذا من شأنه أن يشجع أيضاً على تبني الأصول الرقمية على نطاق أوسع، لا سيما بين المستثمرين الذين يكرهون المخاطرة.

إتاحة الخدمات المصرفية للجميع

وفقاً للبنك الدولي، لا يزال هناك 1.4 مليار بالغ لا يتعاملون مع البنوك، وهؤلاء الأفراد هم الأبعد ومن الصعب الوصول إليهم، والفئات الأكثر شيوعاً بين هذه الأفراد هي النساء والأشخاص الأكثر فقراً والأقل تعليماً والذين يعيشون في المناطق الريفية؛ ومن بين الاستخدامات العديدة التي يروج لها مؤيدوا العملات الرقمية الصادرة عن البنك المركزي هي استخدام الأصول للشمول المالي القادر على علاج المشكلة المذكورة.

هذا وقد أشار البنك المركزي لجزر البهاما، وهو أحد أوائل المصارف التي أصدرت العملة الرقمية للبنك المركزي في العالم، في ورقة بحثية إلى أن "الهدف الأساسي لمشروع الدولار الرقمي لجزر الباهاما هو توفير الخدمات المالية لأولئك الذين لم يتمكنوا بعد من دخول النظام المصرفي في جزر البهاما"؛ وعندما نشر البنك المركزي في جزر البهاما ورقته البحثية، قُدرت نسبة غير المتعاملين مع البنوك بنحو 18٪ من إجمالي سكان الجزيرة.

كما أضاف مازوكا: "إن الافتقار إلى البنية التحتية المادية وتعقيد الخدمات المالية التقليدية هي بعض العوائق الرئيسية التي تقف أمام الشمول المالي". يمكن للعملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية والعملات المستقرة أن تجلب المزيد من الأشخاص إلى النظام المالي الرسمي، مما قد يؤثر بشكل كبير على الخدمات المصرفية التقليدية".

وقال مازوكا أن العملات المستقرة يمكن أن تقلل من الحاجة إلى الوسطاء وتجعل المعاملات المالية أكثر سهولة وفعالية من حيث التكلفة، وأوضح كذلك أن العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية ستُمكّن البنوك المركزية من توفير عملة رقمية يمكن لسكان البلاد الوصول إليها بسهولة، بغض النظر عن موقعهم أو وضعهم الاجتماعي والاقتصادي.

"على سبيل المثال، يمكن أن يساعد اعتماد [العملات المستقرة والعملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية] في فنزويلا عدداً كبيراً من السكان غير المتعاملين مع البنوك في البلاد، من خلال توفير نظام مالي أكثر سهولة وموثوقية، مما يخفف على السكان أضرار انعدام الاستقرار الاقتصادي ومعدلات التضخم المرتفعة، الأمر الذي دفع العديد من الفنزويليين إلى استخدام العملة المشفرة كطريقة للحفاظ على قيمة العملة".

يؤمن مازوكا أيضا بأن العملات الرقمية الصادرة عن البنك المركزي والعملات المستقرة يمكن أن يخلقوا ثورة في عملية الدفع عبر الحدود، والتي تواجه منذ فترة طويلة عوائق مثل بطئ المعاملات والرسوم المرتفعة وإمكانية الوصول المحدودة.

"فمن خلال توفير بديل أكثر استقراراً وكفاءةً للعملات التقليدية، يمكن تسهيل التدفقات التجارية والاستثمارية ذات الأهمية، لا سيما في الأسواق الناشئة، وبالإضافة إلى ذلك، يُصبح من الممكن توفير قدرٍ أكبر من الاستقرار المالي وتقليل المخاطر المرتبطة بتقلبات العملة، مما يجعل المعاملات أكثر فعالية من حيث التكلفة والسرعة".

التحديات التقنية والتنظيمية

في حين أن هذه الأصول الجديدة لها العديد من الفوائد، إلا أنه يتوجب عليها التغلب على العديد من العقبات والتحديات، كالاعتبارات التقنية والأطر التنظيمية على سبيل المثال.

أما على الصعيد التقني، فقد أشار مازوكا إلى المشكلات التي تتعلق بقدرة البلوكتشين على التوسع، حيث أن التكنولوجيا الحالية المستخدمة في معالجة عمليات تحويل العملات المشفرة يمكنها فقط التعامل مع عدد محدود من العمليات في الثانية، وأضاف أنه يتم تطوير تقنيات جديدة، مثل التجزئة وشبكات البلوكتشين الجانبية، لزيادة قدرة الشبكة على التوسع.

وأوضح مازوكا أنه لا يزال هناك ضعف في اتساق اللوائح التنظيمية عبر المناطق المختلفة، مما قد يؤدي إلى نشوء فجوة بين اللوائح التنظيمية وواقع السوق؛ كما أكد أيضاً على أهمية زيادة التنسيق والتعاون الدوليين لضمان مواكبة اللوائح لسوق العملات المشفرة سريع الحركة.

رقمنة الأسواق المالية

وسط تزايد عدد البنوك المركزية التي تبدأ باستكشاف العملات الرقمية للبنوك المركزية، يُذكر مازوكا المؤسسات بأهمية توظيف نهج عملي وواقعي لضمان نجاح المشروع، حيث قال أن هذه الكيانات يجب أن تأخذ في عين الاعتبار الأمن والتأثير على الخدمات المصرفية التقليدية والسياسة النقدية والاستقرار المالي والأمن السيبراني عند تطويرها وتبينها للعملات الرقمية الجديدة.

وأشار مازوكا إلى أنه "[بوجود] اللوائح التنظيمية الصحيحة، ستتمكن جميع الكيانات والأشخاص من القيام بعمليات تحويل آمنة باستخدام الأصول الرقمية".

إرسال تعليق

تعليقاتكم تشجعنا بالإستمرار شكرا مسبقا.

أحدث أقدم